الحمدُ لله ربّ العالَمِينْ .. قيّوم السموات والأرَضِينْ ..
مُنوِّر أبصَارِ بصَائرِ العارِفينَ بنور المعرفةِ واليقينْ .. ربُّنا القريبُ في
عُلُوِّهْ .. المُتعالي في دُنُوِّهْ .. باريءُ الخَلْقِ بقُدرتِهْ .. ومُدبِّرِ
الأمورِ بحكمتِهْ .. لا شبيهَ لهُ ولا نظيرَ ولا مُعِينَ ولا ظَهِيرْ .. ولا شريكَ
ولا وزيرْ ولا نِدّ ولا مُشِيرْ .. حَيٌّ لا يموتُ أزلِيٌّ لا يفوتْ .. أبَدِيُّ
المَلكُوتِ سَرمَدِيُّ الجبروتْ .. قيّومٌ لا ينامُ عزيزٌ لا يُضامْ .. لا
تُصوّرهُ الأوهامُ ولا تُقدّرُهُ الأفهامْ .. لا يُدرَكُ بالقياسِ ولا يُمثَّلُ بالناسْ
.. ليسَ بجسمٍ فيُمَسُّ ولا جَوْهَرٍ فيُحَسّ .. كَيَّفَ الكَيْفَ وتَنَزَّهَ عن الكيفيّةْ
.. وأَيَّنَ الأَيْنَ وتعَزّزَ عنِ الأينِيّةْ .. و وُجِدَ في كلِّ شيءٍ
وتَقَدَّسَ عنِ الظَّرْفِيّةْ .. و حَضَرَ عندَ كلِّ شيءٍ و تَعالَى عنِ
العِندِيّةْ .. لا يُسبَقُ بِقَبْلِيّةٍ ولا يُلحَقُ بِبعدِيّةْ .. إنْ ضَرَبَ
العقلُ لِعِزّتِهِ مَثَلاَ .. أو جَالَ الفهمُ في جلالِهِ جَدَلاَ .. وقَفَ الفهمُ مَللاً و دُهِشَ الفِكرُ
كَلَلاَ .. ولم يجِدْ للتنزيهِ بدَلاً ولا عن التوحيدِ حِوَلاَ .. قادرٌ بقُدرةٍ
غيرِ محصورةْ .. مُدَبِّرٌ بإرادةٍ غير مقهورةْ .. أَجْرَى أفعالَ عِبادِهِ على
مُقتَضَى مُرادِهْ .. خلَقَ خَلْقَهُ في أحسنِ فِطْرَةْ .. وأعادَهُمْ بالفَنَاءْ
في ظُلمَةِ الحُفْرَةْ .. وسيُعيدُهُم كما بدَأَهُم أوّلَ مَرّةْ .. فإذا
جَمَعَهُم ليومِ حِسابِهِ يتجَلَّى لأحبابِهِ فيُشاهِدونَهُ بالبَصَرْ .. لا
يُحْجَبُ إلا مَنْ أنكَرْ .. كيفَ يُحجَبُ عن أحبابهِ أو يوقفُهُم دون حِجَابِهْ
.. وقد تقدَّمَتْ مواعيدُهُ القديمةُ الأزليةْ .. يا أيتها النفسُ المطمئنةُ ارجعي
إلى ربكِ راضيةً مرضيةْ .. أتُرَى ترضَى من الجِنَان بِحُوريةْ .. أم تَقنَعُ من
البُستانِ بالحُلَلِ السُّنْدُسِيّةْ .. أجسامٌ أُذِيبَتْ في تحقيقِ العُبُوديةْ
.. كيفَ لا تَتَنعّمُ بالمَقاعِدِ العِندِيّةْ .. أبصارٌ سَهِرَتْ
في الليالي الدَّيجُوريّةْ .. كيفَ لا تتلذَّذُ بالمُشاهَدَةِ الأُنسِيّةْ .. ألَا
يا أهلَ المَحَبّة إنّ الحقّ يتجلَّى في وقتِ السَّحَرِ ويُنادِي هل مِنْ تائبٍ فَأَتُوبَ
عَليهِ توبةً مَرْضِيّةْ .. هل مِنْ مُستَغْفِر ٍفَأغْفِرَ لهُ الخطايا بالكُلِّيةْ
.. هل مِنْ مُستَعْطٍ فَأجْزِلَ لهُ النِّعَمَ والعَطِيَّةْ .. هَدِيّةُ الحُبِّ
قد أصبَحَتْ واضِحَةً جَلِيّةْ .. فيَالَها مِنْ قَوافٍ بَهِيّةٍ وعَقِيدَةٍ سَنِيّةْ
.. على أُصُولِ مَذَاهِبِ الحَنَفِيّةِ والمَالِكِيّةِ والشَّافِعِيّةِ والحَنبلِيّةْ
.. عَصَمَنِي اللهُ وإيّاكُم مِنَ الذِين فرّقُوا فمَرَقُوا كما يَمرُقُ السَّهْمُ
مِنَ الرَّمِيّةْ .. وجَعَلَنِي وإيّاكُم مِنَ الذِين لهُم غُرَفٌ مِنْ فَوقِهَا غُرَفٌ
مَبنِيّةْ .. وصَلَّى اللهُ علَى سيّدِنا مُحمَّد أشرفِ البَريّةْ .. وعلَى آلِه
وأصحَابِه وخَصَّهُم بأشرفِ التَّحِيّةْ .. وسَلّمَ تسلِيماً كثيراً دائِماً مُتجَدّداً
مُترَادِفاً في كُلّ بُكْرَةٍ وعَشِيّةْ.